ليلي علوينادر ناشد: العلاقة بين الروح والجسد علاقة محيرة وعميقة ومثار بحث منذ بداية الخليقة وقد أخلص في تفسيرها مجموعة من الفلاسفة والمتصوفين والرهبان كثير من كتابات النفري وأبوالعلاء المعري وعمر الخيام عبرت عن هذه القضية واعترافات الراهب أوغسطينوس وكتابات الأب متي المسكين والانبا غريغوريوس وهناك كتاب للبابا شنودة الثالث بعنوان »انطلاق الروح« يتأمل فيه فلسفة ارتباط الروح بالجسد وخروج الروح منها وفي السينما يقدم النجمان ليلي علوي وفاروق الفيشاوي فيلما مهما حول هذه القضية »ألوان السما السبعة« كتبته باتقان زينب عزيز وأخرجه سعد هنداوي،
اختار صناع الفيلم القاهرة الإسلامية المعاصرة مكانا للأحداث بين القصور القديمة المرممة وبيوت الطبقة الوسطي وأجواء القاهرة الخديوية وهي أماكن قريبة لعالم سعد هنداوي الذي تألق مخرجا تسجيليا ومتميزا في الأفلام القصيرة علي مدي أكثر من عشر سنوات وأكثر من عشرين فيلما.. والزمان الذي اختاره هنداوي هو شهر رمضان بكل ما فيه من تقاليد حميمية ولأول مرة تقريبا يرصد عمل فني شخصية راقص التنورة وخلال اعترافات فاروق الفيشاوي الذي أدي الدور ببراعة عالمية نري كيف تسمو روحه خلال هذه الرقعة التي عشقها منذ طفولته التي أحبها منذ كان يشاهد ويقلد والده وهو يدور ويرقص في حلقات الذكر في مولد ابراهيم الدسوقي ويكشف الفيلم أيضا الصراع الكبير في شخصية بطلة الفيلم ليلي علوي التي تؤدي دور حنان البنت الجميلة المكافحة التي تتحمل مسئولية عائلتها بعد موت والدها وهي نفسها صباح فتاة الليل التي تعتمد علي الدعارة كعمل أساسي لها.. هذا الصراع هو نفسه صراع راقص التنورة بين روح تحلق في السماء وجسد ثقيل يأمر بالنزوات والسقوط دائما.
ديكورات الفنان الكبير صلاح مرعي اضافة بارعة وموحية لطقوس جميلة ركزت عليه عدسات التصوير وأضافت لنا فيلما مهما خاصة في اظهار تناقض الديكور العصري في منزل صباح الخاص وديكورات بيوت سكان حي الحسين، مونتاج رباب عبداللطيف ذو حساسية شديدة وخاصة في مشاهد الفلاش باك ـ العودة الي الوراء ـ ثلاث مرات موسيقي تامر كروان موحية لطقوس خاصة وجميلة وقريبة من الشعب المصري.
الفيلم علامة مهمة لسعد هنداوي في ثاني أفلامه الروائية الطويلة بعد مجموعة من الأفلام القصيرة المميزة، لأول مرة نعيش في فيلم تتحاور فهي الروح مع نفسها ثم مع جسدها ثم مع المجهول في تقارب أو تضاد وفي مرات أخري في صداقة أو صراع رحلة مع الروح نجحت في تقريب عالم برغم قربه لنا فهو بعيد.
سوسن بدر في أعمق أدوارها، التركيز الذي يعيش مع الجمهور ويصل بها الي أعلي حالات التقمص والرفعة.. شريف صبري يقترب للجماهير ببساطة وإلقاء دافئ، وتتألق مني هلا في دور مهم يعبر عن صراع فتيات كثيرات لا تجد الاستقرار الأسري وتبحث عن الجنس فقط.. الجسد بلا روح.
0 comments:
إرسال تعليق